الآن :: للأخ المجاهد / أبو معاوية الشامي ( الثبات في مواجهة البلاءات )
حين خلق الله الحياة والأحياء في هذه الدار ، اقتضت حكمته أن تكون حياتهم مزيجاً من السعادة والشقاء والفرح والترح والأنس والوحشة والسعة والضيق واللذة والألم يستوي في ذلك جميع الناس ، سواء أكانوا مؤمنين أو كفاراً ، وما من إنسان إلا وفي حياته أيام من هذا وأيام من ذاك ، فالدار الدنيا يختلط فيها الضحك بالبكاء ، والحزن بالسرور ؛ والكوارث الدينية في النفس أو في الولد أو في المال قاسم مشترك بين جميع الأحياء ، ولولا الآلام لما وجد الناس طعم اللذائذ ، فألم الحرمان هو سر اللذة بالوجدان ، وألم الجوع هو سر اللذة بالشبع ، وألم الفراق هو سر اللذة باللقاء .
وهذه النظرة الصحيحة هي التي حرص الإسلام على ترسيخها في أذهان المؤمنين ، قال تعالى : " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً " .
ولهذا يحرص الكافر على أن يأخذ من الدنيا ما استطاع لأنها فرصته الوحيدة ، أما المؤمن فتدعوه النظرة الصادقة المتزنة للدنيا إلى أن يجزع عند المصيبة ولا ييأس عند الضائقة وأن يقتصر من متاعها على المباح، طلباً للمتعة الكاملة الدائمة عند الله تعالى في الدار الآخرة . ولاختلاف النظرة بين المؤمن والكافر ، ثم اختلاف المنهج والطريق ، صارت الحياة صراعاً بين هذين المنهجين ، فيبتلى هذا بهذا ، وهذا بهذا ، فالمؤمنون يبتلون بالكفار والكفار يببتلون بالمؤمنين . وهذا النوع من الابتلاء هو قاسم مشترك بين المؤمنين والكافرين كما قال تعالى : " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض " . وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم أن الله تعالى يداول الأيام بين الناس بحكمته ، فيجعل الكفار تحت سلطة المؤمنين وقهرهم حيناً ، ويجعل المؤمنين تحت قهر الكافرين حيناً آخر . ولكن المؤمن يتميز بمعرفته أن هذا البلاء الذي لقيه من أعدائه الكفار والمنافقين ، إنما هو بسبب التزامه بدينه وصبره عليه ودعوته إليه ، وهو يؤمن بأنه دين الله الذي ارتضاه لعباده كلهم ، ولن يقبل منهم سواه ، ولهذا يكون البلاء الذي يلقاه المؤمن في سبيل هذا الدين أثراً من آثار الاستقامة على المنهج ، وهذا يجعل المرء بين موقفين :
• الموقف الأول : الانتكاس والتراجع عن هذا الطريق الذي سبب له هذه الآلام ، وعرّضه لهذه المحن ، وهذا حال صنف من الناس وصفهم الله في كتابه فقال : " ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله " .
فهذا الصنف لا يستطيع أن يتحمل الابتلاء في سبيل الله كالسجن وغيره .
• الموقف الثاني : الصبر والإصرار والثبات مهما تطلب الصبر من الجهود والتضحيات ومضاعفة الصبر كلما تضاعفت الآلام ، والاستمرار على هذا الصبر مهما طال الزمن ، تحقيقاً لمعنى قول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " فالله سبحانه وتعالى قد أمر بالصبر ثم بالمصابرة – وهي مقابلة صبر الآخرين والتغلب عليه- ثم بالمرابطة والصبر على الصبر .
وهذا موقف المؤمنين الصادقين في عقد الإيمان ، الذين لا تزيدهم المحن إلا إيماناً بالله وتسليماً له ، وتصديقاً بوعده ووعد رسوله ، كما قال تعالى :" ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليماً " .
ولتمييز مدعي الانتساب إلى هذا الطريق سمى الله عز وجل الابتلاء فتنة ، فقال :" ألم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " والفتنة : الامتحان والاختبار ، يقال : فتنت الذهب بالنار ، إذا امتحنته ، فعلى وهج النار الملتهبة - نار الفتنة بجميع أنواعها- تتميز معادن الناس ، فينقسمون إلى مؤمنين صابرين ، وإلى مدعين أو منافقين ، وينقسم المؤمنون إلى طبقات كثيرة ، بحسب شدة صبرهم وقوة احتمالهم .
ومن رحمة الله بعباده المؤمنين أن يسلط عليهم البلاء ، ثم يرزقهم الثبات لينالوا عنده الأجر العظيم ، وهو سبحانه يربيهم بالمحن والشدائد ، ويصفي قلوبهم من الدَّخَل والغش ، وكلما خرجوا من محنة أو فتنة بالصبر والثبات والإصرار قيض الله لهم أخرى أشد منها ، بعد أن وعوا درس المحنة الأولى، وأفادوا منه ، وارتقى مستوى إيمانهم ويقينهم. ولو أنهم ابتلوا بالمحنة الآخرة أولاً ، لربما ضعفوا أوتزعزعوا ، ولكن الله تعالى يدرجهم فيها صعداً ، ليتنامى إيمانهم ويقوى ويزداد .
وقد بين رسول الله هذه المعاني لأصحابه بياناً قوياً مكرراً في مناسباته لأنهم كانوا في أشد الحاجة إليها ، حيث إنهم حملة رسالة الإسلام والمضحين في سبيلها والمبتلين من أجلها ، ولأجل هذا كانوا أحب الأمم إلى الله ، وأقربها إليه زلفى ، وأعظمها عنده قدراً ، فعن سعد بن أبي وقاص ، قال : قلت يا رسول الله : أي الناس أشد بلاءً قال :" الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ، ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة" .
والفتنة تأخذ صوراً شتى :
- منها : تعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله ، ثم لا يجد النصير الذي يسانده ويدفع عنه ، ولا القوة التي يواجه بها الطغيان .
- ومنها : فتنة الأهل والأحباب الذين يخشى عليهم أن يصيبهم الأذى بسببه وهو لا يملك عنهم دفعاً .
- ومنها : فتنة إقبال الدنيا على المبطلين ، وتعظيم الناس لهم وهو مهمل منكر لا يحس به أحد ، ولا يشعر بقيمة الحق الذي معه إلا القليل من أمثاله من الغرباء الذين لا يملكون من أمر الحياة شيئاً .
- ومنها فتنة الغربة والاستيحاش بالعقيدة ، حين ينظر المؤمن فيرى كل من حوله غارقاً في تيار الضلالة ، وهو وحده موحش غريب طريد شريد .
- ومنها فتنة إبطاء النصر عن المؤمنين ، وتعرضهم للأذى والضرب والتنكيل والقتل والتشريد على أيدي أعداء الله ، وهم يجأرون إلى الله بالدعاء والتفريج والنصر ، فلا يلوح لهم في الأفق بارقة من الفرج القريب ، قال تعالى :" أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب "
إن المؤمن ، كلما ازداد تمسكه بهذا الدين وصبره على تكاليفه ازدادت تبعاً لذلك شدة الابتلاء والفتنة عليه من قبل أعداء هذا الدين ، حتى ينتصر هذا المؤمن بأي صورة من صور النصر أو ينتصر الأعداء بزحزحته عن دينه أو فتنته عن بعض شرائعه – كالجهاد والإعداد والصدع بكلمة الحق والبراءة من الطواغيت – ولا انتصار لهم إلا بهذا .
إن الابتلاء سنة إلهية في حملة الدعوات منذ فجر التاريخ ، ولا بد أن يدرك الدعاة أن طريق النصر وحسن العاقبة يمر بالابتلاء والمحن والشدائد ، فالمراحل التي تمر بها حياة المؤمنين المجاهدين ، من العلماء والدعاة ممن صدقوا في دعوى الإيمان ، واستحقوا أن يمنحم الله أمانة قيادة البشرية بالإسلام هي : الابتلاء ، ثم الصبر ثم العاقبة . وقد قيل للشافعي : أيها أفضل للرجل : أن يمكن أو يبتلى ؟ قال : "لا يمكن حتى يبتلى". وإن الرسل ابتليت فصبرت على البلاء حتى أتاهم نصر الله ، وهذه سنة الله التي لا تتبدل .
قال تعالى :"ولقد كذبت رسل من قبل فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين " .
اللهم ارزقنا الصبر والثبات ..اللهم آمين ، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين .
أخوكم / أبو معاوية الشامي
نسأل الله أن يحفظ إخونا أبو معاوية الشامي وجميع إخواننا في سبيل الله .
وجزاكم الله خيراً
بسم الله الرحمن الرحيم
الثبات في مواجهة البلاءات
الثبات في مواجهة البلاءات
حين خلق الله الحياة والأحياء في هذه الدار ، اقتضت حكمته أن تكون حياتهم مزيجاً من السعادة والشقاء والفرح والترح والأنس والوحشة والسعة والضيق واللذة والألم يستوي في ذلك جميع الناس ، سواء أكانوا مؤمنين أو كفاراً ، وما من إنسان إلا وفي حياته أيام من هذا وأيام من ذاك ، فالدار الدنيا يختلط فيها الضحك بالبكاء ، والحزن بالسرور ؛ والكوارث الدينية في النفس أو في الولد أو في المال قاسم مشترك بين جميع الأحياء ، ولولا الآلام لما وجد الناس طعم اللذائذ ، فألم الحرمان هو سر اللذة بالوجدان ، وألم الجوع هو سر اللذة بالشبع ، وألم الفراق هو سر اللذة باللقاء .
وهذه النظرة الصحيحة هي التي حرص الإسلام على ترسيخها في أذهان المؤمنين ، قال تعالى : " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً " .
ولهذا يحرص الكافر على أن يأخذ من الدنيا ما استطاع لأنها فرصته الوحيدة ، أما المؤمن فتدعوه النظرة الصادقة المتزنة للدنيا إلى أن يجزع عند المصيبة ولا ييأس عند الضائقة وأن يقتصر من متاعها على المباح، طلباً للمتعة الكاملة الدائمة عند الله تعالى في الدار الآخرة . ولاختلاف النظرة بين المؤمن والكافر ، ثم اختلاف المنهج والطريق ، صارت الحياة صراعاً بين هذين المنهجين ، فيبتلى هذا بهذا ، وهذا بهذا ، فالمؤمنون يبتلون بالكفار والكفار يببتلون بالمؤمنين . وهذا النوع من الابتلاء هو قاسم مشترك بين المؤمنين والكافرين كما قال تعالى : " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض " . وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم أن الله تعالى يداول الأيام بين الناس بحكمته ، فيجعل الكفار تحت سلطة المؤمنين وقهرهم حيناً ، ويجعل المؤمنين تحت قهر الكافرين حيناً آخر . ولكن المؤمن يتميز بمعرفته أن هذا البلاء الذي لقيه من أعدائه الكفار والمنافقين ، إنما هو بسبب التزامه بدينه وصبره عليه ودعوته إليه ، وهو يؤمن بأنه دين الله الذي ارتضاه لعباده كلهم ، ولن يقبل منهم سواه ، ولهذا يكون البلاء الذي يلقاه المؤمن في سبيل هذا الدين أثراً من آثار الاستقامة على المنهج ، وهذا يجعل المرء بين موقفين :
• الموقف الأول : الانتكاس والتراجع عن هذا الطريق الذي سبب له هذه الآلام ، وعرّضه لهذه المحن ، وهذا حال صنف من الناس وصفهم الله في كتابه فقال : " ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله " .
فهذا الصنف لا يستطيع أن يتحمل الابتلاء في سبيل الله كالسجن وغيره .
• الموقف الثاني : الصبر والإصرار والثبات مهما تطلب الصبر من الجهود والتضحيات ومضاعفة الصبر كلما تضاعفت الآلام ، والاستمرار على هذا الصبر مهما طال الزمن ، تحقيقاً لمعنى قول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " فالله سبحانه وتعالى قد أمر بالصبر ثم بالمصابرة – وهي مقابلة صبر الآخرين والتغلب عليه- ثم بالمرابطة والصبر على الصبر .
وهذا موقف المؤمنين الصادقين في عقد الإيمان ، الذين لا تزيدهم المحن إلا إيماناً بالله وتسليماً له ، وتصديقاً بوعده ووعد رسوله ، كما قال تعالى :" ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليماً " .
ولتمييز مدعي الانتساب إلى هذا الطريق سمى الله عز وجل الابتلاء فتنة ، فقال :" ألم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " والفتنة : الامتحان والاختبار ، يقال : فتنت الذهب بالنار ، إذا امتحنته ، فعلى وهج النار الملتهبة - نار الفتنة بجميع أنواعها- تتميز معادن الناس ، فينقسمون إلى مؤمنين صابرين ، وإلى مدعين أو منافقين ، وينقسم المؤمنون إلى طبقات كثيرة ، بحسب شدة صبرهم وقوة احتمالهم .
ومن رحمة الله بعباده المؤمنين أن يسلط عليهم البلاء ، ثم يرزقهم الثبات لينالوا عنده الأجر العظيم ، وهو سبحانه يربيهم بالمحن والشدائد ، ويصفي قلوبهم من الدَّخَل والغش ، وكلما خرجوا من محنة أو فتنة بالصبر والثبات والإصرار قيض الله لهم أخرى أشد منها ، بعد أن وعوا درس المحنة الأولى، وأفادوا منه ، وارتقى مستوى إيمانهم ويقينهم. ولو أنهم ابتلوا بالمحنة الآخرة أولاً ، لربما ضعفوا أوتزعزعوا ، ولكن الله تعالى يدرجهم فيها صعداً ، ليتنامى إيمانهم ويقوى ويزداد .
وقد بين رسول الله هذه المعاني لأصحابه بياناً قوياً مكرراً في مناسباته لأنهم كانوا في أشد الحاجة إليها ، حيث إنهم حملة رسالة الإسلام والمضحين في سبيلها والمبتلين من أجلها ، ولأجل هذا كانوا أحب الأمم إلى الله ، وأقربها إليه زلفى ، وأعظمها عنده قدراً ، فعن سعد بن أبي وقاص ، قال : قلت يا رسول الله : أي الناس أشد بلاءً قال :" الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ، ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة" .
والفتنة تأخذ صوراً شتى :
- منها : تعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله ، ثم لا يجد النصير الذي يسانده ويدفع عنه ، ولا القوة التي يواجه بها الطغيان .
- ومنها : فتنة الأهل والأحباب الذين يخشى عليهم أن يصيبهم الأذى بسببه وهو لا يملك عنهم دفعاً .
- ومنها : فتنة إقبال الدنيا على المبطلين ، وتعظيم الناس لهم وهو مهمل منكر لا يحس به أحد ، ولا يشعر بقيمة الحق الذي معه إلا القليل من أمثاله من الغرباء الذين لا يملكون من أمر الحياة شيئاً .
- ومنها فتنة الغربة والاستيحاش بالعقيدة ، حين ينظر المؤمن فيرى كل من حوله غارقاً في تيار الضلالة ، وهو وحده موحش غريب طريد شريد .
- ومنها فتنة إبطاء النصر عن المؤمنين ، وتعرضهم للأذى والضرب والتنكيل والقتل والتشريد على أيدي أعداء الله ، وهم يجأرون إلى الله بالدعاء والتفريج والنصر ، فلا يلوح لهم في الأفق بارقة من الفرج القريب ، قال تعالى :" أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب "
إن المؤمن ، كلما ازداد تمسكه بهذا الدين وصبره على تكاليفه ازدادت تبعاً لذلك شدة الابتلاء والفتنة عليه من قبل أعداء هذا الدين ، حتى ينتصر هذا المؤمن بأي صورة من صور النصر أو ينتصر الأعداء بزحزحته عن دينه أو فتنته عن بعض شرائعه – كالجهاد والإعداد والصدع بكلمة الحق والبراءة من الطواغيت – ولا انتصار لهم إلا بهذا .
إن الابتلاء سنة إلهية في حملة الدعوات منذ فجر التاريخ ، ولا بد أن يدرك الدعاة أن طريق النصر وحسن العاقبة يمر بالابتلاء والمحن والشدائد ، فالمراحل التي تمر بها حياة المؤمنين المجاهدين ، من العلماء والدعاة ممن صدقوا في دعوى الإيمان ، واستحقوا أن يمنحم الله أمانة قيادة البشرية بالإسلام هي : الابتلاء ، ثم الصبر ثم العاقبة . وقد قيل للشافعي : أيها أفضل للرجل : أن يمكن أو يبتلى ؟ قال : "لا يمكن حتى يبتلى". وإن الرسل ابتليت فصبرت على البلاء حتى أتاهم نصر الله ، وهذه سنة الله التي لا تتبدل .
قال تعالى :"ولقد كذبت رسل من قبل فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين " .
اللهم ارزقنا الصبر والثبات ..اللهم آمين ، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين .
أخوكم / أبو معاوية الشامي
نسأل الله أن يحفظ إخونا أبو معاوية الشامي وجميع إخواننا في سبيل الله .
وجزاكم الله خيراً