سلسلة"قمع الفتنة في مهدها" -11- بين واقع الأمة وتنظير القاعدين للشيخ أبي مارية القرش
سلسلة"قمع الفتنة في مهدها" -11-
سلسلة"قمع الفتنة في مهدها" -11-
بين واقع الأمة وتنظير القاعدين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُ ناصرُ كلِّ صابر
الحمد لله وبعد،
فما زالت أئمة الهدى تذكر المفتي بوجوب إحاطة نظره بواقع المسألة التي يفتي فيها خصوصاً في نوازل المسائل وعند تغير الأمصار والأعصار، ورحم الله الإمام الأصولي ابن القيم إذ يقول:
ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم؛ أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما. والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع؛ وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر. أهـ(إعلام الموقعين)
ومع هذا التأكيد العظيم من أئمتنا على مسألة فقه الواقع، فقد زلت أقدام كثيرة بسبب تعجلها وعدم إحاطتها بواقع الأمة وصراعها مع الكفرة الفجرة اليوم.
ولئن عذرنا شيخاً شاب شعره في طاعة الله وتدريس دينه وقلنا هو بين أجر وأجرين إن شاء الله، فإننا لا نعذر طلبة العلم الذّين يحيطون بهؤلاء المشايخ ويقصرون في نصيحتهم-والدين النصيحة- وبيان حقيقة الأمور لهم، بل لعل كثيراً منهم يزين للشيخ فتواه ويتملق له ويعيب على ناقديه ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
وآن لي أن أعود بعد هذه المقدمة لننظر معاً إلى جهل هؤلاء المبتدعة بواقع الأمة اليوم، وسأتناول بالذكر وقائع لو فقهوها حق الفقه لما أنزلوا أحكامهم الفاسدة عليها حتى ولو التزموا بكثير من أصولهم وشروطهم المبتدعة:
الواقع الأول:أفغانستان المجاهدة.
دخلها الملاحدة الروس كما هو معلوم وظاهرهم المرتدون، وكانت صولتهم ولا ريب على الدين، فالروس كانوا يحملون عقيدة يرجون نشرها ولم يكونوا مجرد طامعٍ بأرض، فانبرى لهم المجاهدون من كل حدب وصوب، وكان في ذلك الخير دَخَن، فقد قاتل العدو الروسي كل الناس: صاحب المنهج السني الراسخ، والمبتدع والوطني....الخ.
ثم خرج الروس مهزومين، ودخل المجاهدون كابل، فوقع الخلاف لتتمحص الصفوف، ثم قدر الله أن يخرج الطلبة ليوحدوا البلاد تحت رايةٍ واحدة فأقاموا الإمارة الإسلامية وصار للمسلمين دار إسلام لأول مرة منذ عقود.
ثم صال العدو الأمريكي على دار الإسلام، فانبرى المجاهدون يذودون عن دارهم، وقد امتاز جهادهم هذه المرة بكثرة خيره، فقد كان الصف المقاتل هذه المرة أوضح راية وأنقى عقيدة ولله الحمد والمنة.
ولو تأملنا في هذا الواقع لوجدنا:
1-دار إسلام تحكمها الشريعة
2-يقطنها موحدون مجاهدون
3-صال عليهم عدو
4- فقاتلوا
فحتى لو أخطأ المجاهدون لأنهم حملوا السلاح وذبوا عن دينهم وعرضهم وأرضهم!!!! ولم يلتزموا بدعوة الشيوعيين إلى التوحيد! إلاّ أن الأمر قد وقع وجاهد الناس وقامت دولة الإسلام! فهل نبقى نعنف الناس على أمرٍ قد مضى؟
والواقع قبل بضع سنين كان كالآتي: دارُ إسلام يقيم فيها المجاهدون ودار كفر تقيمون فيها، فلم لم تهاجروا إليها؟ لمَ لم تنصروهم؟
ماكان المطلوب منهم؟ هل كان المطلوب منهم أن يتنازلوا عن الحكم بالشريعة ويقولوا للكفار تعالوا واحكموا البلاد وسننشغل بالدعوة للكفر بكم؟
ثمَّ لما صال عليهم الأمريكان، لمَ لم تنصروهم؟ أليسوا يدافعون عن دار الإسلام وأنتم تزعمون أنكم ستبذلون الدماء رخيصة بعد قيام الدار(كذا زعموا!!)؟
أم أنكم ترون أن الدار قد عادت دار كفر فلا بد من الدعوة وترك القتال؟
بالمناسبة لم أعلم ما هو الزمن المحدد عندكم للذود عن دار الإسلام، هل هو مدة قيامها فإذا سقطت سقطنا معها؟ أم نقاتل العدو بعدها لسنتين أو ثلاث فإن تمكنوا من الدار فقد تمكنوا منا ولا جهاد؟[1]
أسئلة أوجهها لك يا أبا شبر قبل أن أوجهها لشيخك وأرجو أن تتفكر بها قبل أن تهرول بها إليه تطلب منه أن يجد لك مخرجاً!
الواقع الثاني: الشيشان أعزها الله...
الشيشان أرضٌ عزيزة رواها أهلها بدمائهم قروناً عديدة، غزاها الروس منذ عهد القياصرة ثم تلاهم الشيوعيون الملاحدة وهم يذيقون شعبها المسلم أشدَّ أنواع العذاب، هجّروا أهلها إلى سيبيريا ثم أعادوهم وما نقموا منهم إلاّ أنهم يقولون" لا إله إلاّ الله" ، وقد سادت مظاهر الشيوعية في البلد بعد كل ذلك وفتنوا الناس-ولو ظاهراً- عن دينهم، ومضى على ذلك الأمر عقود ثم قدّر الله أن ينهار الاتحاد السوفيتي، فينتفض الشعب المسلم كأنهم أموات بعثوا من القبور! فمنذا يصدق أن الإسلام ما زال حيّاً في قلوب هؤلاء القوم، فرأوها فرصة سانحة فطردوا الروس وبدأوا بالعمل على إقامة دين الله! فجنّ جنون الروس ودخلوا الشيشان من جديد، وبدأت المعركة!
فسمع نفرٌ من العرب- وهذا سماعٌ خاص يورث الفقه والعمل وإلا فقد سمعت كل الناس-بهذا فنفروا إلى الشيشان يتثبتون من خبر أهلها- وهذا والله من أعجب العجب، ويا ليت السرعان من الرواة عن كل من هب ودب يستمعون إلى خبر هؤلاء الفتية- فوجدوا خيراً كثيراً؛ وجدوا شعباً مسلماً يظهر الإسلام ويقاتل الكفار-وهذا خبر صحيح رواه خطاب وصحبه وأنعم بهذا سنداً- فهبوا لنصرة إخوانهم وصدقوا الله فصدقهم الله ومكنهم من رقاب عدوهم وأقاموا دولة الإسلام، فكانت هذه الدار الثانية التي تقام!
وانبرى أبو عمر السيف وإخوانه يعلمون الناس دينهم ويحكمون بينهم بشرع الله، فكانت أياماً سعيدة مجيدة في تاريخ الشيشان بل في تأريخ البشرية، فأسعد أيام البشرية تلك الأيام التي حكم فيها بشرع الله.
ثمّ صال عليهم العدو، لتُبتَدأ صفحة جديدة في تاريخ جهاد هذا الشعب المسلم.
الملخص:
1- قامت دولة الإسلام في الشيشان بحد السيف.
2- شعب مسلم يتحاكم إلى شرع الله ومتلهف لتعلم دينه.
3- صال عليهم عدو كافر
4- فجاهدوه بأموالهم وأنفسهم.
ومرة أخرى نسأل أبا شبر، أين كنت لما قامت دار الإسلام؟ لمَ لم تهاجر وتترك أرض الكفر؟ هل من شروط دار الإسلام أن تقوم بالدعوة فقط؟! وهل إذا قامت بحد السيف لا تعتبر دار إسلام؟
ثم سقطت الدار وصال الروس على الدين والدار وأهلها، فماذا صنعت؟ لمَ لم تنصر المسلمين؟
هل جهاد أهل الشيشان حق؟ أم أنك ترى أن الأولى لهم أن يسلموا للروس ليفتنوهم عن دينهم من جديد؟ هل إذا هجروا إلى سيبيريا بعد إخذهم بنصيحتك سيدفئهم تعاطفك معهم ؟
أجب ولا تتهرب؟ لا تنظر في أوراقك ولا تركض إلى شيخك!
فوالله إن أجوبة هذه الأسئلة من الأمور الظاهرة التي لا تخفى على عاميٍ أو شيخ.
الواقع الثالث: العراق المجاهد
شعبٌ مسلم خليط من عرب وأكراد وتركمان، تسلط على رقابهم الطاغوت عقوداً طويلة من الزمن؛ ملوكٌ صنعتهم بريطانيا، ثم شيوعيون موالون لروسيا ثم بعثيون صنعهم الشيطان! فساموا أهل البلد الذّل والهوان، سحل الشيوعيون في عهد قاسم أهل الموصل وكركوك في الشوارع وسل حرائر الموصل رحمهن الله يوم علقهنّ الشيوعيون الأنذال على أعمدة الكهرباء في الموصل!
ثم نكل البعثيون في عهد صدام بأهل الإسلام أشد النكال، ولولا أنّ الله يعد هذا الشعب لأمرٍ جلل لاندثر الإسلام من هذه البلاد ولكن يمكرون ويمكر الله، فانتشرت مظاهر التدين وتزايدت في آخر عهد صدام وشهد البلد صحوة إسلامية برغم كل الضغوط على المشايخ والدعاة.
سقط الطاغوت، فانتفض الشعبُ المسلم كما انتفض أهل الشيشان من قبل ، يحمل راية التوحيد عالية أبو مصعب وصحبه، فتميز جهادهم بوضوح المنهج من أول يوم، يقاتلون ويعلمون ويرشدون، فكانت بركته عظيمة على أهل العراق، فقد عاد الناس إلى التوحيد والسنة أفواجاً ، حتى البعثي المرتد عاد إلى دين الله يذود عنه، تراه خاشعاً تائباً يتذكر أيام الجاهلية فإذا سمع صوت الرصاص انتفض يرجو أن يلقى ربه شهيداً فيغفر له ما تقدم من ذنبه!وهذا حال من عاد إلى دين الله، فكيف بحفظة القرآن وطلبة العلم الذّين ما عرفوا غير الله رباً وإلهاً
لو رأيتهم لعجبت من حالهم؛ جبال علم وتقوى وخلق وشجاعة.
اجتمع على أهل التوحيد الأمريكان والرافضة فدارت على أعداء الله الدائرة، وأقام المجاهدون دولة الإسلام من جديد بعد أن سيطروا على مساحات شاسعة في الأنبار والموصل وديالى والمعركة مستعرة على أشدها في بغداد الحبيبة.
فهذه دولة الإسلام قائمة، فأين جهادكم ونصرتكم؟
ما سمعنا منكم كلمة نصرتها وما قرأنا لكم مقالاً في الذب عنها؟
لعلك تقول قد أخطأوا!! فأقول أخطأوا-تنزلاً- وهدى الله بهم الناس إلى التوحيد والجهاد والكفر بالطاغوت فماذا تريد بعدُ؟!!!
هل قررت الهجرة أبا شبر لدار الإسلام القريبة منك؟
بالمناسبة : إياك إياك أبا شبر أن تروي لي أخبار العراق عن كذبة الزوراء وأخواتها!
عجيبٌ أمرك:
تكفر أهل الإسلام وتصد عن سبيل الله وعمدتك أخبار الكفار والفجار!!
ملاحظة: أهل السنة في غالب العراق منحازون إلى مناطقهم غير مختلطين بالرافضة اليوم إلاّ في مناطق قليلة، فالأصل في مدن ومناطق الرافضة الرفض والكفر ككربلاء والنجف، والأصل في مدن أهل السنة الإسلام كالفلوجة والرمادي والموصل.
الواقع الرابع: كردستان صلاح الدين
انحاز فيها أهل التوحيد إلى الجبال فأقاموا إمارة إسلامية تحكم بشرع الله، كان تحت أيديهم العديد من القرى، وعاش أهل الإسلام فيها عيشة طيبة، هاجر إليهم اخوانهم العرب من العراق والشام والجزيرة ومصر واليمن وغيرها من بلاد العرب، وهاجر إليهم الموحدون من الأتراك ومن ورائهم من مسلمي أوربا، وكان فيمن هاجر إلى كردستان أحد مشايخي فكَّ الله أسره وكلُّ ما أرويه عن الإمارة فهو عن طريقه، كانوا على اتصالٍ مع المشايخ الكرام في الجزيرة وغيرها. وكانت الحرب على قدم وساق مع جيرانهم العلمانيين الذّين لم يستطيعوا النيل من تلك الإمارة الفتية، ثمَّ غزا الأمريكان العراق فاجتاحت قوات المرتدين بغطاء جوي أمريكي تلك الإمارة الفتية ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولكن المجاهدين ما خنعوا ولا ذلوا ، فواصلوا الجهاد مع إخوانهم في بقية أنحاء العراق فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
الملخص:
1- مسلم ينحازون إلى دار يقيمون فيها إمارة مسلمة
2- شعب الإمارة على طراز عالٍ من العلم بالتوحيد والتزام السنة
3- عدو صائل(مرتدون+كفار أصليون)
4- جهاد قائم
فماذا تقول يا أبا شبر؟ وبمَ تفتيهم؟
الواقع الخامس: الصومال الأبية..
آهٍ أرض الصومال..
آهٍ أهل الصومال..
عذراً فقد قصرنا بحقكم وما نصرناكم حق النصرة...
شعب مسلم أبي، كره الطاغوت وأهله، فأقاموا محاكم شرعية تحكم بينهم، وتطور الأمر لتسيطر المحاكم على أرض الصومال، فقامت دار الإسلام، فجن جنون أم الطواغيت أمريكا، فسلطت أثيوبيا النصرانية على صومالنا المسلم، ، لتُبتَدأ صفحة مجيدة من صفحات الجهاد على تلك الأرض الطيبة.
ومرة اخرى:
1- قامت دولة الإسلام
2- شعب مسلم
3- عدو صائل
4- جهاد
هل نعيد الأسئلة أبا شبر؟ أظنك قد وعيتها إن شاء الله ولكن دعني أذكرك بما قد نبهتك عليه في الحلقات السابقة:
-زعمت كفر كل المجتمعات المسلمة، وهذه أربعة أمثلة عملية تنقض ذلك-ولو قلت بأصولك الفاسدة- فتنبه فإنك لم تستثنِ أحداً، ولو شئت لواصلت ضرب الأمثلة لك.
-زعمت ألاّ جهاد إلا بدار! فأقول قد جاهد الناس كما في أمثلتي هذه وقامت الدار ثم صال عليهم العدو ،فإن كنت قعدت في الأولى بسبب شرطك الباطل، فلمَ قعدت في الثانية؟
-زعمت أننا مستضعفون في حالة تشبه الحالة المكية ولذا وجب علينا كف الأيدي، فأقول كيف هذا وجند الإسلام طردوا روسيا مرتين: مرة من أفغانستان ومرة من الشيشان، واليوم يمرغون أنف أمريكا والرافضة والأحباش التراب، فكيف تزعم أننا مستضعفون؟
تعلم كيف تنقل الأخبار وتفقه في واقعك قبل أن تنزل الأحكام ولا تتعجل في الفتيا فالطريق طويل، وما كلُّ ما قاله شيخك حق، ولا تنس أن لكل عالمٍ زلة، والسعيد من أخذ عن شيخه الحق وتجنب زلته.
وأخيراً اوصي الإخوة الأكارم بالرجوع لكلمة الشيخ أبي الحسن رشيد البليدي حفظه الله(وهو من مشايخ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي):" وقفات مع واقع الأمة"؛ وقارن بين فقه شيوخ الجهاد وفقه القاعدين، وتأمل في الرحمة التي ملأت قلب ذلك الشيخ المقاتل، والغلظة والشدة والغلو الذي ملأ قلوب بعض القاعدين.
والله الموفق.
وكتب
أبو مارية القرشي
عفا الله عنه وعن والديه
1- علّق على هذا أحد الأحبة فقال: جميل جدا، فقد كنتُ محتارًا في مذهبهم: متى يكون جهاد الدفع عندهم؟!
أهو قبل تمكن العدو من أرضنا، فإذا تمكن منها هاجرنا إلى دار إسلام أخرى بعد أن صارت أرضنا دار كفر، وانطلقنا لأرضنا السابقة من هناك؟فهذا طلبٌ لدار كفر انطلاقًا من دار الإسلام، فما فرقه عن جهاد الطلب الذي نعرف؟ قد عرفنا بدعة إنكار جهاد الطلب مع التسليم بالدفع، أما إنكار الدفع مع التسليم بالطلب فهذه جديدة!!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُ ناصرُ كلِّ صابر
الحمد لله وبعد،
فما زالت أئمة الهدى تذكر المفتي بوجوب إحاطة نظره بواقع المسألة التي يفتي فيها خصوصاً في نوازل المسائل وعند تغير الأمصار والأعصار، ورحم الله الإمام الأصولي ابن القيم إذ يقول:
ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم؛ أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما. والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع؛ وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر. أهـ(إعلام الموقعين)
ومع هذا التأكيد العظيم من أئمتنا على مسألة فقه الواقع، فقد زلت أقدام كثيرة بسبب تعجلها وعدم إحاطتها بواقع الأمة وصراعها مع الكفرة الفجرة اليوم.
ولئن عذرنا شيخاً شاب شعره في طاعة الله وتدريس دينه وقلنا هو بين أجر وأجرين إن شاء الله، فإننا لا نعذر طلبة العلم الذّين يحيطون بهؤلاء المشايخ ويقصرون في نصيحتهم-والدين النصيحة- وبيان حقيقة الأمور لهم، بل لعل كثيراً منهم يزين للشيخ فتواه ويتملق له ويعيب على ناقديه ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
وآن لي أن أعود بعد هذه المقدمة لننظر معاً إلى جهل هؤلاء المبتدعة بواقع الأمة اليوم، وسأتناول بالذكر وقائع لو فقهوها حق الفقه لما أنزلوا أحكامهم الفاسدة عليها حتى ولو التزموا بكثير من أصولهم وشروطهم المبتدعة:
الواقع الأول:أفغانستان المجاهدة.
دخلها الملاحدة الروس كما هو معلوم وظاهرهم المرتدون، وكانت صولتهم ولا ريب على الدين، فالروس كانوا يحملون عقيدة يرجون نشرها ولم يكونوا مجرد طامعٍ بأرض، فانبرى لهم المجاهدون من كل حدب وصوب، وكان في ذلك الخير دَخَن، فقد قاتل العدو الروسي كل الناس: صاحب المنهج السني الراسخ، والمبتدع والوطني....الخ.
ثم خرج الروس مهزومين، ودخل المجاهدون كابل، فوقع الخلاف لتتمحص الصفوف، ثم قدر الله أن يخرج الطلبة ليوحدوا البلاد تحت رايةٍ واحدة فأقاموا الإمارة الإسلامية وصار للمسلمين دار إسلام لأول مرة منذ عقود.
ثم صال العدو الأمريكي على دار الإسلام، فانبرى المجاهدون يذودون عن دارهم، وقد امتاز جهادهم هذه المرة بكثرة خيره، فقد كان الصف المقاتل هذه المرة أوضح راية وأنقى عقيدة ولله الحمد والمنة.
ولو تأملنا في هذا الواقع لوجدنا:
1-دار إسلام تحكمها الشريعة
2-يقطنها موحدون مجاهدون
3-صال عليهم عدو
4- فقاتلوا
فحتى لو أخطأ المجاهدون لأنهم حملوا السلاح وذبوا عن دينهم وعرضهم وأرضهم!!!! ولم يلتزموا بدعوة الشيوعيين إلى التوحيد! إلاّ أن الأمر قد وقع وجاهد الناس وقامت دولة الإسلام! فهل نبقى نعنف الناس على أمرٍ قد مضى؟
والواقع قبل بضع سنين كان كالآتي: دارُ إسلام يقيم فيها المجاهدون ودار كفر تقيمون فيها، فلم لم تهاجروا إليها؟ لمَ لم تنصروهم؟
ماكان المطلوب منهم؟ هل كان المطلوب منهم أن يتنازلوا عن الحكم بالشريعة ويقولوا للكفار تعالوا واحكموا البلاد وسننشغل بالدعوة للكفر بكم؟
ثمَّ لما صال عليهم الأمريكان، لمَ لم تنصروهم؟ أليسوا يدافعون عن دار الإسلام وأنتم تزعمون أنكم ستبذلون الدماء رخيصة بعد قيام الدار(كذا زعموا!!)؟
أم أنكم ترون أن الدار قد عادت دار كفر فلا بد من الدعوة وترك القتال؟
بالمناسبة لم أعلم ما هو الزمن المحدد عندكم للذود عن دار الإسلام، هل هو مدة قيامها فإذا سقطت سقطنا معها؟ أم نقاتل العدو بعدها لسنتين أو ثلاث فإن تمكنوا من الدار فقد تمكنوا منا ولا جهاد؟[1]
أسئلة أوجهها لك يا أبا شبر قبل أن أوجهها لشيخك وأرجو أن تتفكر بها قبل أن تهرول بها إليه تطلب منه أن يجد لك مخرجاً!
الواقع الثاني: الشيشان أعزها الله...
الشيشان أرضٌ عزيزة رواها أهلها بدمائهم قروناً عديدة، غزاها الروس منذ عهد القياصرة ثم تلاهم الشيوعيون الملاحدة وهم يذيقون شعبها المسلم أشدَّ أنواع العذاب، هجّروا أهلها إلى سيبيريا ثم أعادوهم وما نقموا منهم إلاّ أنهم يقولون" لا إله إلاّ الله" ، وقد سادت مظاهر الشيوعية في البلد بعد كل ذلك وفتنوا الناس-ولو ظاهراً- عن دينهم، ومضى على ذلك الأمر عقود ثم قدّر الله أن ينهار الاتحاد السوفيتي، فينتفض الشعب المسلم كأنهم أموات بعثوا من القبور! فمنذا يصدق أن الإسلام ما زال حيّاً في قلوب هؤلاء القوم، فرأوها فرصة سانحة فطردوا الروس وبدأوا بالعمل على إقامة دين الله! فجنّ جنون الروس ودخلوا الشيشان من جديد، وبدأت المعركة!
فسمع نفرٌ من العرب- وهذا سماعٌ خاص يورث الفقه والعمل وإلا فقد سمعت كل الناس-بهذا فنفروا إلى الشيشان يتثبتون من خبر أهلها- وهذا والله من أعجب العجب، ويا ليت السرعان من الرواة عن كل من هب ودب يستمعون إلى خبر هؤلاء الفتية- فوجدوا خيراً كثيراً؛ وجدوا شعباً مسلماً يظهر الإسلام ويقاتل الكفار-وهذا خبر صحيح رواه خطاب وصحبه وأنعم بهذا سنداً- فهبوا لنصرة إخوانهم وصدقوا الله فصدقهم الله ومكنهم من رقاب عدوهم وأقاموا دولة الإسلام، فكانت هذه الدار الثانية التي تقام!
وانبرى أبو عمر السيف وإخوانه يعلمون الناس دينهم ويحكمون بينهم بشرع الله، فكانت أياماً سعيدة مجيدة في تاريخ الشيشان بل في تأريخ البشرية، فأسعد أيام البشرية تلك الأيام التي حكم فيها بشرع الله.
ثمّ صال عليهم العدو، لتُبتَدأ صفحة جديدة في تاريخ جهاد هذا الشعب المسلم.
الملخص:
1- قامت دولة الإسلام في الشيشان بحد السيف.
2- شعب مسلم يتحاكم إلى شرع الله ومتلهف لتعلم دينه.
3- صال عليهم عدو كافر
4- فجاهدوه بأموالهم وأنفسهم.
ومرة أخرى نسأل أبا شبر، أين كنت لما قامت دار الإسلام؟ لمَ لم تهاجر وتترك أرض الكفر؟ هل من شروط دار الإسلام أن تقوم بالدعوة فقط؟! وهل إذا قامت بحد السيف لا تعتبر دار إسلام؟
ثم سقطت الدار وصال الروس على الدين والدار وأهلها، فماذا صنعت؟ لمَ لم تنصر المسلمين؟
هل جهاد أهل الشيشان حق؟ أم أنك ترى أن الأولى لهم أن يسلموا للروس ليفتنوهم عن دينهم من جديد؟ هل إذا هجروا إلى سيبيريا بعد إخذهم بنصيحتك سيدفئهم تعاطفك معهم ؟
أجب ولا تتهرب؟ لا تنظر في أوراقك ولا تركض إلى شيخك!
فوالله إن أجوبة هذه الأسئلة من الأمور الظاهرة التي لا تخفى على عاميٍ أو شيخ.
الواقع الثالث: العراق المجاهد
شعبٌ مسلم خليط من عرب وأكراد وتركمان، تسلط على رقابهم الطاغوت عقوداً طويلة من الزمن؛ ملوكٌ صنعتهم بريطانيا، ثم شيوعيون موالون لروسيا ثم بعثيون صنعهم الشيطان! فساموا أهل البلد الذّل والهوان، سحل الشيوعيون في عهد قاسم أهل الموصل وكركوك في الشوارع وسل حرائر الموصل رحمهن الله يوم علقهنّ الشيوعيون الأنذال على أعمدة الكهرباء في الموصل!
ثم نكل البعثيون في عهد صدام بأهل الإسلام أشد النكال، ولولا أنّ الله يعد هذا الشعب لأمرٍ جلل لاندثر الإسلام من هذه البلاد ولكن يمكرون ويمكر الله، فانتشرت مظاهر التدين وتزايدت في آخر عهد صدام وشهد البلد صحوة إسلامية برغم كل الضغوط على المشايخ والدعاة.
سقط الطاغوت، فانتفض الشعبُ المسلم كما انتفض أهل الشيشان من قبل ، يحمل راية التوحيد عالية أبو مصعب وصحبه، فتميز جهادهم بوضوح المنهج من أول يوم، يقاتلون ويعلمون ويرشدون، فكانت بركته عظيمة على أهل العراق، فقد عاد الناس إلى التوحيد والسنة أفواجاً ، حتى البعثي المرتد عاد إلى دين الله يذود عنه، تراه خاشعاً تائباً يتذكر أيام الجاهلية فإذا سمع صوت الرصاص انتفض يرجو أن يلقى ربه شهيداً فيغفر له ما تقدم من ذنبه!وهذا حال من عاد إلى دين الله، فكيف بحفظة القرآن وطلبة العلم الذّين ما عرفوا غير الله رباً وإلهاً
لو رأيتهم لعجبت من حالهم؛ جبال علم وتقوى وخلق وشجاعة.
اجتمع على أهل التوحيد الأمريكان والرافضة فدارت على أعداء الله الدائرة، وأقام المجاهدون دولة الإسلام من جديد بعد أن سيطروا على مساحات شاسعة في الأنبار والموصل وديالى والمعركة مستعرة على أشدها في بغداد الحبيبة.
فهذه دولة الإسلام قائمة، فأين جهادكم ونصرتكم؟
ما سمعنا منكم كلمة نصرتها وما قرأنا لكم مقالاً في الذب عنها؟
لعلك تقول قد أخطأوا!! فأقول أخطأوا-تنزلاً- وهدى الله بهم الناس إلى التوحيد والجهاد والكفر بالطاغوت فماذا تريد بعدُ؟!!!
هل قررت الهجرة أبا شبر لدار الإسلام القريبة منك؟
بالمناسبة : إياك إياك أبا شبر أن تروي لي أخبار العراق عن كذبة الزوراء وأخواتها!
عجيبٌ أمرك:
تكفر أهل الإسلام وتصد عن سبيل الله وعمدتك أخبار الكفار والفجار!!
ملاحظة: أهل السنة في غالب العراق منحازون إلى مناطقهم غير مختلطين بالرافضة اليوم إلاّ في مناطق قليلة، فالأصل في مدن ومناطق الرافضة الرفض والكفر ككربلاء والنجف، والأصل في مدن أهل السنة الإسلام كالفلوجة والرمادي والموصل.
الواقع الرابع: كردستان صلاح الدين
انحاز فيها أهل التوحيد إلى الجبال فأقاموا إمارة إسلامية تحكم بشرع الله، كان تحت أيديهم العديد من القرى، وعاش أهل الإسلام فيها عيشة طيبة، هاجر إليهم اخوانهم العرب من العراق والشام والجزيرة ومصر واليمن وغيرها من بلاد العرب، وهاجر إليهم الموحدون من الأتراك ومن ورائهم من مسلمي أوربا، وكان فيمن هاجر إلى كردستان أحد مشايخي فكَّ الله أسره وكلُّ ما أرويه عن الإمارة فهو عن طريقه، كانوا على اتصالٍ مع المشايخ الكرام في الجزيرة وغيرها. وكانت الحرب على قدم وساق مع جيرانهم العلمانيين الذّين لم يستطيعوا النيل من تلك الإمارة الفتية، ثمَّ غزا الأمريكان العراق فاجتاحت قوات المرتدين بغطاء جوي أمريكي تلك الإمارة الفتية ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولكن المجاهدين ما خنعوا ولا ذلوا ، فواصلوا الجهاد مع إخوانهم في بقية أنحاء العراق فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
الملخص:
1- مسلم ينحازون إلى دار يقيمون فيها إمارة مسلمة
2- شعب الإمارة على طراز عالٍ من العلم بالتوحيد والتزام السنة
3- عدو صائل(مرتدون+كفار أصليون)
4- جهاد قائم
فماذا تقول يا أبا شبر؟ وبمَ تفتيهم؟
الواقع الخامس: الصومال الأبية..
آهٍ أرض الصومال..
آهٍ أهل الصومال..
عذراً فقد قصرنا بحقكم وما نصرناكم حق النصرة...
شعب مسلم أبي، كره الطاغوت وأهله، فأقاموا محاكم شرعية تحكم بينهم، وتطور الأمر لتسيطر المحاكم على أرض الصومال، فقامت دار الإسلام، فجن جنون أم الطواغيت أمريكا، فسلطت أثيوبيا النصرانية على صومالنا المسلم، ، لتُبتَدأ صفحة مجيدة من صفحات الجهاد على تلك الأرض الطيبة.
ومرة اخرى:
1- قامت دولة الإسلام
2- شعب مسلم
3- عدو صائل
4- جهاد
هل نعيد الأسئلة أبا شبر؟ أظنك قد وعيتها إن شاء الله ولكن دعني أذكرك بما قد نبهتك عليه في الحلقات السابقة:
-زعمت كفر كل المجتمعات المسلمة، وهذه أربعة أمثلة عملية تنقض ذلك-ولو قلت بأصولك الفاسدة- فتنبه فإنك لم تستثنِ أحداً، ولو شئت لواصلت ضرب الأمثلة لك.
-زعمت ألاّ جهاد إلا بدار! فأقول قد جاهد الناس كما في أمثلتي هذه وقامت الدار ثم صال عليهم العدو ،فإن كنت قعدت في الأولى بسبب شرطك الباطل، فلمَ قعدت في الثانية؟
-زعمت أننا مستضعفون في حالة تشبه الحالة المكية ولذا وجب علينا كف الأيدي، فأقول كيف هذا وجند الإسلام طردوا روسيا مرتين: مرة من أفغانستان ومرة من الشيشان، واليوم يمرغون أنف أمريكا والرافضة والأحباش التراب، فكيف تزعم أننا مستضعفون؟
تعلم كيف تنقل الأخبار وتفقه في واقعك قبل أن تنزل الأحكام ولا تتعجل في الفتيا فالطريق طويل، وما كلُّ ما قاله شيخك حق، ولا تنس أن لكل عالمٍ زلة، والسعيد من أخذ عن شيخه الحق وتجنب زلته.
وأخيراً اوصي الإخوة الأكارم بالرجوع لكلمة الشيخ أبي الحسن رشيد البليدي حفظه الله(وهو من مشايخ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي):" وقفات مع واقع الأمة"؛ وقارن بين فقه شيوخ الجهاد وفقه القاعدين، وتأمل في الرحمة التي ملأت قلب ذلك الشيخ المقاتل، والغلظة والشدة والغلو الذي ملأ قلوب بعض القاعدين.
والله الموفق.
وكتب
أبو مارية القرشي
عفا الله عنه وعن والديه
1- علّق على هذا أحد الأحبة فقال: جميل جدا، فقد كنتُ محتارًا في مذهبهم: متى يكون جهاد الدفع عندهم؟!
أهو قبل تمكن العدو من أرضنا، فإذا تمكن منها هاجرنا إلى دار إسلام أخرى بعد أن صارت أرضنا دار كفر، وانطلقنا لأرضنا السابقة من هناك؟فهذا طلبٌ لدار كفر انطلاقًا من دار الإسلام، فما فرقه عن جهاد الطلب الذي نعرف؟ قد عرفنا بدعة إنكار جهاد الطلب مع التسليم بالدفع، أما إنكار الدفع مع التسليم بالطلب فهذه جديدة!!