ما قاله المعارض (((السعودي))) ... الدكتور محمد المسعري
وقد حاول محمد جلال كشك في كتابه «السعوديون والحل الإسلامي» رفع عبد العزيز آل سعود إلى مراتب الأبطال وجعله مستقلاً حر القرار، إلا أن ما حواه الكتاب من وثائق ــ خصوصا في طبعته الأولى ــ يدين عبد العزيز يعمالة الانجليز أدانة قطعية لا تحتمل الجدال.
ولا يعني هذا أنه في نفس مستوى العمالة الساقطة التي كان يمارسها آل صباح، ولا في الوضع المقهور الذى كان يعاني منه ساسة مصر تحت الاستعمار الانجليزي المباشر. فالعمالة درجات ومراتب وأنواع. وقد أثبت محمد جلال كشك اثباتاً قطعياً تهافت عبد العزيز على صداقة الانجليز وتراميه تحت أقدامهم على نحو يثير الاشمئزاز.
دخل عبد العزيز الرياض أول مرة قائدًا لكتيبة كويتية في حملة نظمها الانجليز لتحجيم ابن رشيد ــ والي الدولة العثمانية ــ ولكن أهل الرياض رفضوه عميلاً للكويت والانجليز، وطردوه شر طردة، فعاد من العام القادم مع عصابة صغيرة من اتباعه متظاهرًا بالإستقلالية والعزيمة على تجديد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. فنجح في دخول الرياض ــ التي كانت تحت النفود العثماني ــ وأحكم سيطرته عليها في هذه المرة بسبب تأييد الرياض له، لما أظهرلهم من استقلالية وعزيمة على حمل الدعوة الإسلامية باجتهاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وظل هذا ديدن عبد العزيز آل سعود طوال عمره: التظاهر بالاستقلالية، وهو أبعد مايكون عنها، وبالدين وهو أدهى مستغليه، وبالشعبية والشورى وهو من أقسى الطغاة وأشدهم وطأة.
وبدخول عبد العزيز الرياض، وانتزاعها من الدولة العثمانية، أصبح خارجاً منشقاً على خليفة المسلمين في اسطنبول، وبذلك يكون قد شق عصا المسلمين، وفرق كلمتهم، وسفك دمائهم.
وعلى كل حال فقد استمر عبد العزيز في حروبه التوسعية داخل الجزيرة وكذلك الإحساء، بعلم الإنجليز ومشورتهم وموافقتهم السكوتية، وإن كان هؤلاء حريصيين طوال تلك المدة على اظهار البرود وعدم التعاون معه لأسباب تتعلق بالموقف الدولي، ولتجنب الاحتكاك بالدولة العثمانية وحليفتها ألمانيا الامبراطورية إلى أن تحين الفرصة المناسبة، وتسمح لعبة توازن القوى العالمية لبريطانيا بتوجيه الضربة القاضية لذلك التحالف: إلى الدولة العثمانية عدوة العقيدة عبر القرون وحامية ديار المسلمين، وإلى المانيا الامبراطورية المنافس الاستعماري الجديد. واستمر عبد العزيز في تهالكه لأرضاء الانجليز وخطب ودهم .
ولكن فور نشوب الحرب العالمية الأولى زالت الأسباب الموجبة لتظاهر بريطانيا بالبرود تجاه عبد العزيز فقامت بمبادلته وداً بود، وتم توقيع معاهدة دارين (ويقال لها أيضا معاهدة القطيف)، في 18صفر 1334هـ، الموافق 26 ديسمبر 1915م، وهي معاهدة رضي فيها عبد العزيز بسيادة الكفار الإنجليز، ودخل تحت الحماية البريطانية وتنازل عن كل سيادة دولية لقاء ثمن بخس: ملك زائل ودراهم معدودة.
وهاك نص معاهدة الخيانة العظمى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(بسم الله الرحيم الرحيم)
الحكومة البريطانية السامية من جانبها وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود حاكم نجد والحسا والقطيف وجبيل والمدن والموانئ التي تتبعها، بالأصالة عن نفسه، ونيابة عن ورثته وخلفائه وقبائله.
حيث أن الطرفين لديهما الرغبة في توطيد وتقوية العلاقات الودية التي دامت بينهما وقتا طويلاً ورغبة في دعم مصالحهما المتبادلة، فقد اختارت الحكومة وعينت ليوتينانت ــ كولونيل سير بيرسى كوكس المقيم البريطاني في الخليج الفارسي مفوضا له كامل السلطات في توقيع معاهدة لهذا الغرض مع عبد العزيز بن عبد الرحمن ين فيصل آل سعود.
وقد اتفق المذكور الليوتينات ـ كولونيل سير بيرسي كوكس مع عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود المشار إليه فيما بعد "بابن سعود" وأقر المواد التالية:-
(1) تقر الحكومة البريطانية وتعترف بأن نجدًا والحسا والقطيف وجبيل وملحقاتها وأراضيها ـ التي سوف تبحث وتحدد فيما بعد ـ وموانئها على الشواطئ الخليج والفارسي، هي بلاد ابن سعود وأبائه من قبله وبناء عليه تعترف بابن سعود المذكور كحاكم مستقل لها، ورئيس مطلق لقبائلها، ومن بعده أولاده وخلفاؤه بالوراثة، ولكن اختيار شخص الحاكم يتم بتسمية الحاكم القائم لخليفته، ولكن بشرط ألا يكون شخصًا معادياً للحكومة البريطانية بحال من الأحوال، وعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالنصوص المشار إليها في هذه المعاهدة.
(2) في حالة عدوان آية دولة أجنبية على أراضي بلاد بن سعود وخلفائه، دون الرجوع الى الحكومة البريطانية، وبدون اعطائها فرصة التشاور مع ابن سعود وتكوين فكرة عن الأمر، فإن الحكومة البريطانية سوف تقدم العون بالأسلوب وإلى المدى الذى ترى الحكومة البريطانية أنه الأكثر لحماية مصالحه وبلاده وذلك بعد التشاور مع ابن سعود.
(3) يوافق ابن سعود هنا ويتعهد بالامتناع عن الدخول في أية مراسلة أو اتفاق أو معاهدة مع أية أمة أو دولة أجنبية، وأكثر من ذلك، أن يطلع السلطات السياسية للحكومة البريطانية على أية محاولة من جانب أية دولة أخرى للتدخل في الأراضي المذكورة انفاً.
(4) يتعهد ابن سعود على وجه الإطلاق بأنه لن يمنح، أو يبيع، أويرهن، أو يؤجر، أو يتخلى، عن الأراضي المذكورة أو أي جزء منها، أو يعطي الامتيازات في تلك الأراضي لأية دولة أجنبية أو رعايا أية دولة أجنبية بدون موافقة الحكومة البريطانية، وأنه سوف يتبع نصائحها في ذلك دون تحفظ، بشرط أن لا تكون ضارة بمصالحه.
(5) يتعهد ابن سعود بأن يبقي الطرق مفتوحة داخل الأراضي إلى الأماكن المقدسة، وأن يحمى الحجاج في عبورهم لها حال ذهابهم إلى الأماكن المقدسة وعودتهم منها.
(6) يتعهد ابن سعود، كما فعل اباؤه من قبله، بالامتناع عن أي عدوان أو تدخل في أراضي الكويت والبحرين وشيوخ قطر وساحل عمان الذين هم تحت حماية الحكومة البريطانية وتربطهم معاهدات بالحكومة المذكورة، وسوف يجري تقرير حدود أراضيهم في المستقبل.
(7) اتفقت الحكومة البريطانية وابن سعود على ابرام معاهدة أخرى أكثر تفصيلا بخصوص المسائل التي تهم البلدين.
وقعت في 18صفر 1334م ، الموافق 26 ديسمبر 1915م
عبد العزيز آل سعود ( وقع وختم )
ب. ز. كوكس- ليفتنات كولونيل
المقيم البريطاني في الخليج الفارسي ( توقيع)
شملفورد
نائب الملك والحاكم العام في الهند ( توقيع)
اعتمد هذه المعاهدة نائب الملك والحاكم العام في الهند في سملا، في الثامن عشر من يوليو عام ألف وتسعمائة وستة عشر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يظهر ورع عبد العزيز وتقواه في تصدير هذه المعاهدة بالبسملة، ولاشك أنه أرغم الإنجليز «الكفار» على قبولها!
وقد حاول محمد جلال كشك في كتابه المذكور آنفاً ابراز المعاذير لعبد العزيز على هذه الخيانة العظمى، واظهار عبقريته (!!)، وابداعه في المفاوضات التي أدت إليها، أما نحن فنشهد ونقطع أن الله جامع الناس ليوم لاريب فيه، ونترك المجادلة والمعاذير لذلك اليوم الذى تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. أجارنا الله واياكم من خزى الدنيا وعذاب الآخرة انه جواد كريم.
ومن لطيف تقدير الله أن يسَّر مؤخراً كشف المزيد من الحقائق المبرهنة على علاقة عبد العزيز الوثيقة بالإنجليز عندما أقر طلال بن عبد العزيز آل سعود، ولد عبد العزيز نفسه، بأن أباه كان يستلم خمسة آلاف جنيه من بريطانيا شهرياً، لدعم خزينته المقفرة قبل بدء العهد النفطي الغني، وأقر أنه لا يعتقد أن بريطانيا كانت تعمل ذلك لوجه الله، أو لاعتبارات إنسانية أو أحلاقية، وإنما لضمان وحماية مصالحها.
وجاء منه هذا الإقرار، طائعا مختاراً، وعلناً جهاراً على رؤوس الأشهاد، وباستماع وشهادة الملايين من مشاهدي قناة «الجزيرة» الفضائية، التي استضافته لعدة حلقات من برنامجها: «شاهد على العصر» وذلك في الحلقة الأولى بتاريخ يوم الثلاثاء 9/9/1421 هـ، الوافق 5/12/2000م؛ وتجد هذا في أرشيف «الجزيرة»، أو عبر موقعها الإلكتروني في الشبكة العالمية:
http://www.aljazeera.net/programs/century_witness/ articles/2000/12/12-5-4.htm
طبعاً حاول «الجرو» طلال الدفاع عن والده «الكلب» عبد العزيز مصنفاً عمله على أنه «دهاء» سياسي، وحسن إدراك لموازين القوى، وأنه لم يقدم للإنجليز أي خدمة تكون في نفس الوقت خيانة لدينه وأمته ووطنه. نعم: من حقه أن يجادل، أما نحن فنشهد ونقطع، مراراً وتكراراً، أن الله جامع الناس ليوم لاريب فيه، ونترك المجادلة والمعاذير لذلك اليوم الذى تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
انتهت الحرب الأولى وشاركت فيها عصابة الخيانة والتآمر وهم: الشريف حسين، وأولاده، وعبد العزيز، وآل الصباح، مع بريطانيا في قتل الاتراك المسلمين، والقضاء على دولة الخلافة، وتمكين الكفار من رقاب المسلمين، وقد تم لهم ذلك كله.
وقد تولى كبر تلك الجريمة الشريف حسين، واقتصر دور عبد العزيز على المراقبة والتردد الحذر والحياد الفعال. كما اشتهر بشن الحملات اللفظية على الاتراك إلى الحد الذى استاء منه كثير من الناس، كاستياء أهل الكويت من تصريحاته تلك أثناء زيارته عام 1916م للكويت.
بعد نهاية الحرب، وهزيمة الدولة العثمانية، وأفول نجمها كلية، عادت الشجاعة إلى (أسد الجزيرة) فوالى حملاته على ابن رشيد حتى أحكم سيطرته على نجد.
أما غزو الحجاز الذى يطبل له آل سعود ويزمرون، ويصفونه بأنه عمل «توحيدي» عظيم، فلم يكن لاخلاص عبد العزيز وابداعه، ولكن بموافقة بريطانيا وبتشجيع منها، وذلك لأن الشريف حسين بدأ عشية الحرب الأولى يدرك فداحة غلطته في التحالف مع الانجليز، ومحاربته لتركيا، فبدأت مواقفه في التغير، وعلاقته مع أبناءه فيصل وعبد الله في التدهور، وكان لا يكف عن الشكوى من عمالتهما المطلقة للإنجليز.
وما أن هدمت الخلافة في عام 1924م حتى كان الشريف منازعاً وعدواً للإنجليز، فأوعز الإنجليز إلى عميلهم الخبيث حافظ وهبه مستشار الملك عبد العزيز آنذاك بتوجيه الضربة القاضية إليه، ولكن عبد العزيز ظل مترددا خائفاً حتى أعلنت بريطانيا رسميا وعلى رؤوس الاشهاد في الصحافة الإنجليزية وقوفها على الحياد بين النزاع بين عبد العزيز والشريف حسين.
فكان غزو الحجاز، فمذبحة الطائف، فحصار جدة الطويل الذى احسنت بريطانيا استغلاله لتسوية الحدود بين العراق والاردن، واقتطاع معان والعقبة من الحجاز، وألحاقها بالأردن. ثم كانت دعوة المؤتمر الإسلامي مخططا بريطانياً عبقرياً لنقل السلطة في الحجاز إلى عبد العزيز بموافقة العالم الإسلامي، فتظاهرت بعدم الرغبة، واوعزت لعملائها في الهند بارسال البرقيات التهديدية إليها لمنعها من وضع جدة تحت الحماية (كأن المسلمين في الهند لهم كبير أهمية أو وزن أو خطورة!؟) وإلى الملك فؤاد باعلان نفسه ملك على الحجاز إلى آخر تفاصيل تلك التمثيلية المؤسفة، وإن كانت محبوكة وحسنة الاخراج.
ثم كانت البيعة لعبد العزيز (وضعها عشرون من أهل جدة وثلاثون من أهل مكة) ملكاً للحجاز ولم ينس المبايعون طبعاً أن يضيفوا الأكليشية التقليدية (على كتاب الله وسنة رسوله)، حتى ولو كانت البيعة «ملكا وراثياً» على الحجاز مناقضة تمام المناقضة لكتاب الله وسنة رسوله.
والجدير بالذكر أن اجتياح الحجاز من قبل عبد العزيز لا يختلف في شئ عن اجتياح صدام للكويت، من حيث عدم انسجامه مع «القانون» الدولي، ولكن بريطانيا، سيدة الدنيا آنذاك، أذنت ورضت، في حين أن أمريكا، سيدة الدنيا هذه الأيام، لم تأذن وتدخلت. فما أسهل تحول «الحق» إلى «باطل»، وبالعكس، إذا وافق أهواء الدول الكبرى، وبالأخص الدولة الأولى في العالم!
على كل حال استقرت الأمور لبريطانيا ــ سيدة البحار ــ في بلاد المسلمين ولعبد العزيز بن عبد الرحمن نائباً عنها في جزيرة العرب، سيداً للبادية، وسيفاً يلوح به أمام محاولات ايطاليا للوصول الى نقطة الإرتكاز في الجزيرة العربية بواسطة أمام اليمن، ولكن عبد العزيز نجح في أفشال تلك المخططات وازال الدولة الادريسية من الوجود، وابتلع أراضيها كما فعل بالحجاز من قبل، في خطوة «توحيدية» عبقرية أخرى، كما يؤكد عملاء آل سعود.
في تلك الأثناء بدأ خطر «الإخوان» في إزدياد وظهر أن الصدام بينهم وعبد العزيز واقع لا محالة بالرغم من محاولات عبد العزيز للمراوغة وتجنب الصراع.
و«الإخوان» هو الاسم الذي اختاره أولئك الرجال الأشداء الذين نذروا أنفسه للجهاد في سبيل الله من المنتمين إلى قبائل نجد البدوية، وبالأخص إلى عتيبة ومطير، ثم قحطان وحرب وسبيع والدواسر، للتعبير عن اجتماعهم على الأخوة الإسلامية، وتبنيهم النداء الحربي: (أنا أخو من أطاع الله!)، بدلاً من النداءات القبلية في الحرب التي كان يتنادى بها آباؤهم.
الاخوه والاخوات الكرام
هذه نبذه بسيطه عما ينشر من الحقائق عن الدوله السعوديه وهناك المزيد
ولمن يريد الاستزاده عليه الرجوع الى ( منتدى التجديد ) للمعارض السعودي الدكتور محمد المسعري
في كتابه ( الادله الدامغه في عدم شرعية الدوله السعوديه ) وقتا ممتعا
الباب الأول
مقدمة تاريخية
يحتل النظام السعودي مكانة متميزة في العالم الإسلامي وذلك لادعائه تطبيق الإسلام تطبيقا كاملاً، وتبنيه دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ــ رحمه الله - بالإضافة إلى هيمنته على الحرمين الشريفين، والثروة النفطية الطائلة التي منّ الله بها على جزيرة العرب.
لذلك كان لابد من دراسة المملكة السعودية، كيانها ونظامها وشرعية حكامها دراسة دقيقة تغوص إلى أعماق الواقع وتستنير بشرع الله على النحو الذى تبرأ به الذمة أمام الله يوم القيامة، لوضع قاعدة صلبة ينطلق منها العمل الإسلامي المعاصر لإستئناف الحياة الإسلامية بإعادة الدولة الإسلامية، دولة خلافة النبوة، وتوحيد الأمة، وقيادتها لاستعادة مكان الصدارة بين الأمم كما فرض الله عليها ذلك.
أما بخصوص الدولة السعودية الأولى، وكذلك الثانية فقد انتهى أمرها بسقوطها، وأصبحت دراستها لاتهمنا إلا من الناحية التاريخية، لايضاح بعض الغموض من الناحية الشرعية الذي يكتنف نشأتها، ولعلنا نتطرق لذلك في إحدى الملاحق.
الدولة السعودية الثالثة:
أما الدولة السعودية الثالثة ــ دولة أل سعود الحالية ــ فقد أسسها عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركى آل سعود جزءً من المخطط البريطاني للمنطقة، الهادف إلى تحطيم الخلافة نهائياً، وابتلاع نصيب الأسد من تركة «الرجل المريض».
هذه نبذه بسيطه عما ينشر من الحقائق عن الدوله السعوديه وهناك المزيد
ولمن يريد الاستزاده عليه الرجوع الى ( منتدى التجديد ) للمعارض السعودي الدكتور محمد المسعري
في كتابه ( الادله الدامغه في عدم شرعية الدوله السعوديه ) وقتا ممتعا
الباب الأول
مقدمة تاريخية
يحتل النظام السعودي مكانة متميزة في العالم الإسلامي وذلك لادعائه تطبيق الإسلام تطبيقا كاملاً، وتبنيه دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ــ رحمه الله - بالإضافة إلى هيمنته على الحرمين الشريفين، والثروة النفطية الطائلة التي منّ الله بها على جزيرة العرب.
لذلك كان لابد من دراسة المملكة السعودية، كيانها ونظامها وشرعية حكامها دراسة دقيقة تغوص إلى أعماق الواقع وتستنير بشرع الله على النحو الذى تبرأ به الذمة أمام الله يوم القيامة، لوضع قاعدة صلبة ينطلق منها العمل الإسلامي المعاصر لإستئناف الحياة الإسلامية بإعادة الدولة الإسلامية، دولة خلافة النبوة، وتوحيد الأمة، وقيادتها لاستعادة مكان الصدارة بين الأمم كما فرض الله عليها ذلك.
أما بخصوص الدولة السعودية الأولى، وكذلك الثانية فقد انتهى أمرها بسقوطها، وأصبحت دراستها لاتهمنا إلا من الناحية التاريخية، لايضاح بعض الغموض من الناحية الشرعية الذي يكتنف نشأتها، ولعلنا نتطرق لذلك في إحدى الملاحق.
الدولة السعودية الثالثة:
أما الدولة السعودية الثالثة ــ دولة أل سعود الحالية ــ فقد أسسها عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركى آل سعود جزءً من المخطط البريطاني للمنطقة، الهادف إلى تحطيم الخلافة نهائياً، وابتلاع نصيب الأسد من تركة «الرجل المريض».
وقد حاول محمد جلال كشك في كتابه «السعوديون والحل الإسلامي» رفع عبد العزيز آل سعود إلى مراتب الأبطال وجعله مستقلاً حر القرار، إلا أن ما حواه الكتاب من وثائق ــ خصوصا في طبعته الأولى ــ يدين عبد العزيز يعمالة الانجليز أدانة قطعية لا تحتمل الجدال.
ولا يعني هذا أنه في نفس مستوى العمالة الساقطة التي كان يمارسها آل صباح، ولا في الوضع المقهور الذى كان يعاني منه ساسة مصر تحت الاستعمار الانجليزي المباشر. فالعمالة درجات ومراتب وأنواع. وقد أثبت محمد جلال كشك اثباتاً قطعياً تهافت عبد العزيز على صداقة الانجليز وتراميه تحت أقدامهم على نحو يثير الاشمئزاز.
دخل عبد العزيز الرياض أول مرة قائدًا لكتيبة كويتية في حملة نظمها الانجليز لتحجيم ابن رشيد ــ والي الدولة العثمانية ــ ولكن أهل الرياض رفضوه عميلاً للكويت والانجليز، وطردوه شر طردة، فعاد من العام القادم مع عصابة صغيرة من اتباعه متظاهرًا بالإستقلالية والعزيمة على تجديد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. فنجح في دخول الرياض ــ التي كانت تحت النفود العثماني ــ وأحكم سيطرته عليها في هذه المرة بسبب تأييد الرياض له، لما أظهرلهم من استقلالية وعزيمة على حمل الدعوة الإسلامية باجتهاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وظل هذا ديدن عبد العزيز آل سعود طوال عمره: التظاهر بالاستقلالية، وهو أبعد مايكون عنها، وبالدين وهو أدهى مستغليه، وبالشعبية والشورى وهو من أقسى الطغاة وأشدهم وطأة.
وبدخول عبد العزيز الرياض، وانتزاعها من الدولة العثمانية، أصبح خارجاً منشقاً على خليفة المسلمين في اسطنبول، وبذلك يكون قد شق عصا المسلمين، وفرق كلمتهم، وسفك دمائهم.
وعلى كل حال فقد استمر عبد العزيز في حروبه التوسعية داخل الجزيرة وكذلك الإحساء، بعلم الإنجليز ومشورتهم وموافقتهم السكوتية، وإن كان هؤلاء حريصيين طوال تلك المدة على اظهار البرود وعدم التعاون معه لأسباب تتعلق بالموقف الدولي، ولتجنب الاحتكاك بالدولة العثمانية وحليفتها ألمانيا الامبراطورية إلى أن تحين الفرصة المناسبة، وتسمح لعبة توازن القوى العالمية لبريطانيا بتوجيه الضربة القاضية لذلك التحالف: إلى الدولة العثمانية عدوة العقيدة عبر القرون وحامية ديار المسلمين، وإلى المانيا الامبراطورية المنافس الاستعماري الجديد. واستمر عبد العزيز في تهالكه لأرضاء الانجليز وخطب ودهم .
ولكن فور نشوب الحرب العالمية الأولى زالت الأسباب الموجبة لتظاهر بريطانيا بالبرود تجاه عبد العزيز فقامت بمبادلته وداً بود، وتم توقيع معاهدة دارين (ويقال لها أيضا معاهدة القطيف)، في 18صفر 1334هـ، الموافق 26 ديسمبر 1915م، وهي معاهدة رضي فيها عبد العزيز بسيادة الكفار الإنجليز، ودخل تحت الحماية البريطانية وتنازل عن كل سيادة دولية لقاء ثمن بخس: ملك زائل ودراهم معدودة.
وهاك نص معاهدة الخيانة العظمى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(بسم الله الرحيم الرحيم)
الحكومة البريطانية السامية من جانبها وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود حاكم نجد والحسا والقطيف وجبيل والمدن والموانئ التي تتبعها، بالأصالة عن نفسه، ونيابة عن ورثته وخلفائه وقبائله.
حيث أن الطرفين لديهما الرغبة في توطيد وتقوية العلاقات الودية التي دامت بينهما وقتا طويلاً ورغبة في دعم مصالحهما المتبادلة، فقد اختارت الحكومة وعينت ليوتينانت ــ كولونيل سير بيرسى كوكس المقيم البريطاني في الخليج الفارسي مفوضا له كامل السلطات في توقيع معاهدة لهذا الغرض مع عبد العزيز بن عبد الرحمن ين فيصل آل سعود.
وقد اتفق المذكور الليوتينات ـ كولونيل سير بيرسي كوكس مع عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود المشار إليه فيما بعد "بابن سعود" وأقر المواد التالية:-
(1) تقر الحكومة البريطانية وتعترف بأن نجدًا والحسا والقطيف وجبيل وملحقاتها وأراضيها ـ التي سوف تبحث وتحدد فيما بعد ـ وموانئها على الشواطئ الخليج والفارسي، هي بلاد ابن سعود وأبائه من قبله وبناء عليه تعترف بابن سعود المذكور كحاكم مستقل لها، ورئيس مطلق لقبائلها، ومن بعده أولاده وخلفاؤه بالوراثة، ولكن اختيار شخص الحاكم يتم بتسمية الحاكم القائم لخليفته، ولكن بشرط ألا يكون شخصًا معادياً للحكومة البريطانية بحال من الأحوال، وعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالنصوص المشار إليها في هذه المعاهدة.
(2) في حالة عدوان آية دولة أجنبية على أراضي بلاد بن سعود وخلفائه، دون الرجوع الى الحكومة البريطانية، وبدون اعطائها فرصة التشاور مع ابن سعود وتكوين فكرة عن الأمر، فإن الحكومة البريطانية سوف تقدم العون بالأسلوب وإلى المدى الذى ترى الحكومة البريطانية أنه الأكثر لحماية مصالحه وبلاده وذلك بعد التشاور مع ابن سعود.
(3) يوافق ابن سعود هنا ويتعهد بالامتناع عن الدخول في أية مراسلة أو اتفاق أو معاهدة مع أية أمة أو دولة أجنبية، وأكثر من ذلك، أن يطلع السلطات السياسية للحكومة البريطانية على أية محاولة من جانب أية دولة أخرى للتدخل في الأراضي المذكورة انفاً.
(4) يتعهد ابن سعود على وجه الإطلاق بأنه لن يمنح، أو يبيع، أويرهن، أو يؤجر، أو يتخلى، عن الأراضي المذكورة أو أي جزء منها، أو يعطي الامتيازات في تلك الأراضي لأية دولة أجنبية أو رعايا أية دولة أجنبية بدون موافقة الحكومة البريطانية، وأنه سوف يتبع نصائحها في ذلك دون تحفظ، بشرط أن لا تكون ضارة بمصالحه.
(5) يتعهد ابن سعود بأن يبقي الطرق مفتوحة داخل الأراضي إلى الأماكن المقدسة، وأن يحمى الحجاج في عبورهم لها حال ذهابهم إلى الأماكن المقدسة وعودتهم منها.
(6) يتعهد ابن سعود، كما فعل اباؤه من قبله، بالامتناع عن أي عدوان أو تدخل في أراضي الكويت والبحرين وشيوخ قطر وساحل عمان الذين هم تحت حماية الحكومة البريطانية وتربطهم معاهدات بالحكومة المذكورة، وسوف يجري تقرير حدود أراضيهم في المستقبل.
(7) اتفقت الحكومة البريطانية وابن سعود على ابرام معاهدة أخرى أكثر تفصيلا بخصوص المسائل التي تهم البلدين.
وقعت في 18صفر 1334م ، الموافق 26 ديسمبر 1915م
عبد العزيز آل سعود ( وقع وختم )
ب. ز. كوكس- ليفتنات كولونيل
المقيم البريطاني في الخليج الفارسي ( توقيع)
شملفورد
نائب الملك والحاكم العام في الهند ( توقيع)
اعتمد هذه المعاهدة نائب الملك والحاكم العام في الهند في سملا، في الثامن عشر من يوليو عام ألف وتسعمائة وستة عشر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يظهر ورع عبد العزيز وتقواه في تصدير هذه المعاهدة بالبسملة، ولاشك أنه أرغم الإنجليز «الكفار» على قبولها!
وقد حاول محمد جلال كشك في كتابه المذكور آنفاً ابراز المعاذير لعبد العزيز على هذه الخيانة العظمى، واظهار عبقريته (!!)، وابداعه في المفاوضات التي أدت إليها، أما نحن فنشهد ونقطع أن الله جامع الناس ليوم لاريب فيه، ونترك المجادلة والمعاذير لذلك اليوم الذى تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. أجارنا الله واياكم من خزى الدنيا وعذاب الآخرة انه جواد كريم.
ومن لطيف تقدير الله أن يسَّر مؤخراً كشف المزيد من الحقائق المبرهنة على علاقة عبد العزيز الوثيقة بالإنجليز عندما أقر طلال بن عبد العزيز آل سعود، ولد عبد العزيز نفسه، بأن أباه كان يستلم خمسة آلاف جنيه من بريطانيا شهرياً، لدعم خزينته المقفرة قبل بدء العهد النفطي الغني، وأقر أنه لا يعتقد أن بريطانيا كانت تعمل ذلك لوجه الله، أو لاعتبارات إنسانية أو أحلاقية، وإنما لضمان وحماية مصالحها.
وجاء منه هذا الإقرار، طائعا مختاراً، وعلناً جهاراً على رؤوس الأشهاد، وباستماع وشهادة الملايين من مشاهدي قناة «الجزيرة» الفضائية، التي استضافته لعدة حلقات من برنامجها: «شاهد على العصر» وذلك في الحلقة الأولى بتاريخ يوم الثلاثاء 9/9/1421 هـ، الوافق 5/12/2000م؛ وتجد هذا في أرشيف «الجزيرة»، أو عبر موقعها الإلكتروني في الشبكة العالمية:
http://www.aljazeera.net/programs/century_witness/ articles/2000/12/12-5-4.htm
طبعاً حاول «الجرو» طلال الدفاع عن والده «الكلب» عبد العزيز مصنفاً عمله على أنه «دهاء» سياسي، وحسن إدراك لموازين القوى، وأنه لم يقدم للإنجليز أي خدمة تكون في نفس الوقت خيانة لدينه وأمته ووطنه. نعم: من حقه أن يجادل، أما نحن فنشهد ونقطع، مراراً وتكراراً، أن الله جامع الناس ليوم لاريب فيه، ونترك المجادلة والمعاذير لذلك اليوم الذى تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
انتهت الحرب الأولى وشاركت فيها عصابة الخيانة والتآمر وهم: الشريف حسين، وأولاده، وعبد العزيز، وآل الصباح، مع بريطانيا في قتل الاتراك المسلمين، والقضاء على دولة الخلافة، وتمكين الكفار من رقاب المسلمين، وقد تم لهم ذلك كله.
وقد تولى كبر تلك الجريمة الشريف حسين، واقتصر دور عبد العزيز على المراقبة والتردد الحذر والحياد الفعال. كما اشتهر بشن الحملات اللفظية على الاتراك إلى الحد الذى استاء منه كثير من الناس، كاستياء أهل الكويت من تصريحاته تلك أثناء زيارته عام 1916م للكويت.
بعد نهاية الحرب، وهزيمة الدولة العثمانية، وأفول نجمها كلية، عادت الشجاعة إلى (أسد الجزيرة) فوالى حملاته على ابن رشيد حتى أحكم سيطرته على نجد.
أما غزو الحجاز الذى يطبل له آل سعود ويزمرون، ويصفونه بأنه عمل «توحيدي» عظيم، فلم يكن لاخلاص عبد العزيز وابداعه، ولكن بموافقة بريطانيا وبتشجيع منها، وذلك لأن الشريف حسين بدأ عشية الحرب الأولى يدرك فداحة غلطته في التحالف مع الانجليز، ومحاربته لتركيا، فبدأت مواقفه في التغير، وعلاقته مع أبناءه فيصل وعبد الله في التدهور، وكان لا يكف عن الشكوى من عمالتهما المطلقة للإنجليز.
وما أن هدمت الخلافة في عام 1924م حتى كان الشريف منازعاً وعدواً للإنجليز، فأوعز الإنجليز إلى عميلهم الخبيث حافظ وهبه مستشار الملك عبد العزيز آنذاك بتوجيه الضربة القاضية إليه، ولكن عبد العزيز ظل مترددا خائفاً حتى أعلنت بريطانيا رسميا وعلى رؤوس الاشهاد في الصحافة الإنجليزية وقوفها على الحياد بين النزاع بين عبد العزيز والشريف حسين.
فكان غزو الحجاز، فمذبحة الطائف، فحصار جدة الطويل الذى احسنت بريطانيا استغلاله لتسوية الحدود بين العراق والاردن، واقتطاع معان والعقبة من الحجاز، وألحاقها بالأردن. ثم كانت دعوة المؤتمر الإسلامي مخططا بريطانياً عبقرياً لنقل السلطة في الحجاز إلى عبد العزيز بموافقة العالم الإسلامي، فتظاهرت بعدم الرغبة، واوعزت لعملائها في الهند بارسال البرقيات التهديدية إليها لمنعها من وضع جدة تحت الحماية (كأن المسلمين في الهند لهم كبير أهمية أو وزن أو خطورة!؟) وإلى الملك فؤاد باعلان نفسه ملك على الحجاز إلى آخر تفاصيل تلك التمثيلية المؤسفة، وإن كانت محبوكة وحسنة الاخراج.
ثم كانت البيعة لعبد العزيز (وضعها عشرون من أهل جدة وثلاثون من أهل مكة) ملكاً للحجاز ولم ينس المبايعون طبعاً أن يضيفوا الأكليشية التقليدية (على كتاب الله وسنة رسوله)، حتى ولو كانت البيعة «ملكا وراثياً» على الحجاز مناقضة تمام المناقضة لكتاب الله وسنة رسوله.
والجدير بالذكر أن اجتياح الحجاز من قبل عبد العزيز لا يختلف في شئ عن اجتياح صدام للكويت، من حيث عدم انسجامه مع «القانون» الدولي، ولكن بريطانيا، سيدة الدنيا آنذاك، أذنت ورضت، في حين أن أمريكا، سيدة الدنيا هذه الأيام، لم تأذن وتدخلت. فما أسهل تحول «الحق» إلى «باطل»، وبالعكس، إذا وافق أهواء الدول الكبرى، وبالأخص الدولة الأولى في العالم!
على كل حال استقرت الأمور لبريطانيا ــ سيدة البحار ــ في بلاد المسلمين ولعبد العزيز بن عبد الرحمن نائباً عنها في جزيرة العرب، سيداً للبادية، وسيفاً يلوح به أمام محاولات ايطاليا للوصول الى نقطة الإرتكاز في الجزيرة العربية بواسطة أمام اليمن، ولكن عبد العزيز نجح في أفشال تلك المخططات وازال الدولة الادريسية من الوجود، وابتلع أراضيها كما فعل بالحجاز من قبل، في خطوة «توحيدية» عبقرية أخرى، كما يؤكد عملاء آل سعود.
في تلك الأثناء بدأ خطر «الإخوان» في إزدياد وظهر أن الصدام بينهم وعبد العزيز واقع لا محالة بالرغم من محاولات عبد العزيز للمراوغة وتجنب الصراع.
و«الإخوان» هو الاسم الذي اختاره أولئك الرجال الأشداء الذين نذروا أنفسه للجهاد في سبيل الله من المنتمين إلى قبائل نجد البدوية، وبالأخص إلى عتيبة ومطير، ثم قحطان وحرب وسبيع والدواسر، للتعبير عن اجتماعهم على الأخوة الإسلامية، وتبنيهم النداء الحربي: (أنا أخو من أطاع الله!)، بدلاً من النداءات القبلية في الحرب التي كان يتنادى بها آباؤهم.
يتبع ...
يتبع ...
يتبع ...
يتبع ...
يتبع ...